محاكم المحبة المسيحية

اضفها لصفحتك على الفايس بوك

 

clip_image001

محاكم المحبة المسيحية – ابن الفاروق المصرى

بدأت محاكم التفتيش أعمالها الوحشية بمباركة البابا جريجوري التاسع فى عام 1231م . حيث أنه هو الذى أعطى أوامره كخليفة للمسيح على الأرض بحسبما يزعمون بأنشائها للسيطرة على الهرطقة المتفشية فى البلاد وكان عملها وقت أن بدأت مقتصرا على شمال إيطاليا وجنوب فرنسا ثم مالبثت أن ازدادت أنتشارا ونفوذا فى العمل المسيحى وكان يطلق على تلك الهمجية التى يفعلونها والتى سنقوم بتفصيلها وتوضيحها بالصور أعمال إيمان أو أوتو دى فيه .

توركمادا وما أداراك من توركمادا :

هو رجل دين مسيحى وهو قريب أو بمعنى أدق لخوان دى توركمادا الكاردينال المسيحى الشهير الذى تمت ترقيه لرتبة كاردينال لدوره فى إستصدار القرار بعصمة البابا أما عن قصة حياة توركمادا صاحب محاكم التفتيش فسنترك الموضوع للكاتب النصرانى فائق فهيم ليشهد شاهد من أهلها عليهم حيث يقول :

نشأ توماس نشأة دينية صرفة، وبعد أداء دراسي رائع انضم إلى جماعة الدمينيكان، وهو تطور أصاب والده بالإحباط لأنه كان من أسرة نبيلة، وكان يود أن يعيش ابنه حياة مدنية يتزوج ولا ينقطع نسل الأسرة.

تنسك توركمادا في دترسانتا كروز في سيجوفيا، حيث عاش حياة قوامها التقشف والزهد، ورفض تناول اللحم كما رفض أن يرتدي قمصان التيل تحت سترته الخارجية، وكان يشاهد عادة مرتديا قميصا من الشعر ويمشي حافيا بصفة دائمة.

وما أن انتشرت سمعته كرجل دين، حتى تم اختياره كقسيس اعترافاً للملكة إيزابيلا ملكة إسبانيا قبل أن تصبح ملكة، وكانت وقتها أميرة وشقيقة للملك هنري الرابع، وقد استخلص منها الوعد بأنه في حالة وصولها للحكم وجلوسها على عرش إسبانيا فإنها سوف تعيد محاكم التفتيش. وبالفعل أصبحت إيزابيلا ملكة وبرت بوعدها فأعادت محاكم التفتيش وعينت توركمادا مفتشا عاما على رأسها.

وكما هو معروف، فإن الكثيرين في العصور الوسطى كانوا يحبون الالتحاق بالكنيسة لما تدره عليهم من ثروة وتكسبهم من سلطة، ولم يكن توركمادا واحداً من هؤلاء، وهذا فى حد ذاته جعله أكثر خطورة من كل زملائه. لأن هدفه الأكبر كان فرض أسلوب الزهد والتقشف الذى اختاره لنفسه على الآخرين، ولم يهتم كثيرا بالوسائل والأساليب التى اتبعها لتحقيق ذلك، ورغم أن جدته كانت يهودية فقد اشتهر بأنه "معذب اليهود"، وقد تفنن في تعذيب اليهود والمسلمين حتى من اضطر منهم لاعتناق المسيحية، لأنه كان يعدهم مهرطقين. ولم يكن ضروريا أن يكون الضحية مسلما أو يهوديا، إذ كان يكتفى بأن يقول أى شخص عنه ذلك.

ثم يتابع فائق فهيم وصفه لأعمال الأيمان المسيحة الشهيرة بمحاكم التفتيش قائلا :

وما أن تبوأ منصب المفتش العام حتى ابتكر توركمادا مجموعة من القواعد للتفتيش في ثمان وعشرين مادة، وفى كل موقع تزوره محكمة التفتيش تبدأ الإجراءات بعظة يلقيها قسيس يتميز بالفصاحة أو أي عضو من أعضاء المحكمة يتصف بالبلاغة، وبانتهاء العظة يتقدم المسيحيون "الأتقياء" إلى الأمام ليقسموا قسم الولاء لمحكمة التفتيش ويتعهدوا بالعمل في خدمتها، فإذا كان هناك فرد فقد إيمانه أو مارس الكفر -وكان اليهود وما تبقى من المسلمين على رأس هؤلاء المتهمين- فإنه يمنح فترة تتراوح بين ثلاثين إلى أربعين يوما ليتقدم باعترافه أمام محكمة التفتيش. ونظرا لتقدمهم بالاعتراف طواعية، فإنهم لا يعاملون بالشدة المعروفة عن محاكم التفتش التى تتمثل في إحراق المتهمين على الأعواد الخشبية، شريطة أن تكون توبتهم صادقة وخالصة وأن يكونوا قد اعترفوا على أنفسهم بل وعلى جيرانهم أيضا. وسوف ينالهم بطبيعة الحال بعض العقاب، فهؤلاء الذين انتهكوا سنن الخالق لا يمكن أن يمضوا بفعلتهم، فيفرض عليهم صلوات إضافية، ويمنعون من ارتداء الثياب الغالية والمجوهرات وركوب الخيل وحمل الأسلحة، بل وعليهم قبول مصادرة بعض ممتلكاتهم وأراضيهم لصالح الملكة ايزابيلا والملك فرديناند للمساعدة في الحرب المقدسة ضد المسلمين في غرناطة.

معاملة الأطفال والعييد

وأى فرد متهم بالهرطقة أو الكفر أو تجاهل الدين ولم يحضر خلال فترة السماح (30 - 40 يوما) ولكنه جاء طواعية بعد تأخير محدود سوف يعامل معاملة تتسم بالرحمة لأنه سيسلم كافة ممتلكاته للكنيسه ثم يحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ولكن حظه يظل كبيرا لأنه لن يحرق. ولا يمكن لأحد أن يتهرب من تنفيذ العقوبة، لأن الفرد الذى يضطر لتسليم ممتلكاته إلى أقاربه أو أصدقائه أو حتى لأغراب سوف يفاجأ بأن أمواله تلك قد صودرت مهما كان مالكها الجديد، ويتم تحرير العبيد الذين يمتلكهم المتهمون بالهرطقة بسبب تربيتهم على أيدي أباء وأمهات غير متدينين فكانوا يعاملون معاملة طيبة شريطة إبلاغهم عن ممارسات آبائهم وأمهاتهم وباقي أفراد أسرتهم. بعد ذلك يتم تربيتهم دينيا من جديد مع بعض العقوبات الخفيفة. أما أطفال أولئك الذين تمت إدانتهم فيتم إرسالهم إلى الأديرة والبيع، مع إعطاء الفتيات مهراً محدودا لمساعدتهن على الزواج، ولكن ذلك لم يدخل حيز التنفيذ أبدا.

وكان من الممكن لأى متهم بالكفر أو الهرطقة أن يطلب المصالحة مع الكنيسة، ولكن كان عليهم أن يثبتوا أنهم مخلصون، وكانت خير طريقة لذلك هي الإبلاغ عن أصدقائهم، وإذا قرر المسئولون في محكمة التفتيش أن معلوماتهم غير دقيقة وأن تعاونهم محدود فيجري تسليمهم إلى السلطات المدنية التى تنفذ حكم الإعدام فيهم وإذا ما تمكن أحد المتهمين من الهروب، يعلق اسمه على أبواب كافة الكنائس في المنطقة، ويمنح فرصة ثلاثين يوما لتسليم نفسه لمحكمة التفتيش، وإلا اعتبر مدانا بتهمة الهرطقة، وكل من نجح في الهروب خارج البلاد يتم احراق دمية على شكله وباسمه.

المتهم غير بريء

ولم يكن هناك أماكن يمكن اللجوء إليها للاختفاء من محاكم التفتيش، فإذا رفض كونت أو دوق السماح لرجال محاكم التفتيش بالدخول إلى مناطق نفوذه وممتلكاته فسوف يدان بتهمة دعم وترويج الكفر والهرطقة. وحتى الموت ذاته لم يكن مهربا كافيا، لأنه لو حدث ودين فرد أمام إحدى هذه المحاكم بعد وفاته، فإن جثته تنبش من قبرها وتحرق على الأعمدة، ويتم بطبيعة الحال مصادرة ممتلكاته.

ولم يكن يسمح لضباط محاكم التفتيش بقبول هدايا من المتهمين، وإذا حدث وقبلوا مثل هذه الهدايا، تحكم عليهم بإعادة ضعف قيمتها، وربما صدر ضدهم حكم بالحرمان الكنسي، واحتفظ توركمادا لنفسه بحق طرد ضباط محاكم التفتيش إذا ما ارتكبوا مخالفات من نوع آخر ولعل أشهرها عدم ممارستهم لعملهم بقسوة كافية.

وقد وضع توركمادا تفسيرا واسعا مترامي الأطراف للهرطقة، فبالإضافة لجريمة التدين باليهودية أو الإسلام فإن الزواج من اثنتين كان يوجب الموت وكذلك ممارسة الشذوذ الجنسي الذى كان يعاقب ممارسه بالحرق، أما ممارسة الزنا قبل الزواج فكان أمرا عاديا لا تعاقب عليه محاكم التفتيش. والسبب في إعفاء ممارسى الزنا من أية عقوبات هو انغماس القساوسة الأسبان في الانحلال الأخلاقي بصورة فاضحة. وحتى نهاية القرن الخامس عشر وبداية السادس عشر لم يكن هناك ستارة تفصل القسس عن الرعايا -خاصة من الإناث- الذين يحضرون للاعتراف. وقبل ذلك كان القسس الشهوانيون يجتذبون الفتيات الجميلات للاعتراف في صندوق الاعتراف بعد أن يعطوهن خطايا إضافية ليعترفن بها. وكان بود توركماد بالحكم على شخصيته أن يلغي ذلك الفسوق تماما لولا أن البابا إنوسنت الثامن كان يتربع على عرش الفاتيكان، وكان فخورا بأنه رجل عائلي (من شروط الرهبنة عدم الزواج ناهيك عن البابوية) وكان أطفاله الذين ولدوا نتيجة مغامراته العديدة يعيشون معه في الفاتيكان، فلم يكن في موقع يسمح له بإدانة النشاط العاطفى من حوله وهو نفسه غارق في الملذات.

وقد مثل راهب أمام محكمة التفتيش لأنه كان قد تلقى تعليمات بالتوجه إلى أحد الإدارة في مهمة تتعلق بالاستماع إلى اعتراف بعض التائبين والتائبات، ولكنه قام باستهواء وإغواء خمس راهبات ومارس معهن الجنس، وبرر فعلته بقوله إنه تلقى التوجيهات "بالذهاب إلى الدير والاهتمام بالراهبات" فاهتم بهن على حد قوله، وهو بذلك خادم أمين لرسالته لأنه أدى المهمة كما طلب إليه. كذلك ألقى القبض على قسيس يعتدي على غلام في الرابعة عشرة كان مسئولا عن تعليمه، ولأنه قسيس حكم عليه بالحبس في الدير لمدة سنة، أما الضحية فلم يكن محظوظا مثل المعتدى، إذ حكم عليه بارتداء كيس مليء بالريش ثم جلده بشدة حتى لفظ أنفاسه.

وعندما كان رجل أو امرأة يتهم بتهمة الهرطقة، كان يتم استدعاؤهم إلى "المكتب المقدس". وكان كل المطلوب لإدانة فرد ما هو شهادة اثنين من الشهود، وكانت أسماء الشهود تبقى سرية لتجنب تعرضهم للانتقام من أقارب المتهمين. ومن الناحية النظرية كان من الممكن للمتهم أن يوكل أحد المحامين للدفاع عنه، ولكن في الواقع لم يحدث أن تجاسر أحد أن ينكر أو يرفض رأي لمحكمة التفتيش.

لا مجال للإفلات

ولم يكن هناك حراس في مقر محكمة التفتيش أو ما يسمى بالمكتب المقدس، مما يعني نظريا أن المتهم كان بوسعه أن يمضي خارجا ثم يهرب، ولكنه إن فعل ذلك فإن معنى ذلك أنه مدان بالهرطقة. وما أن يصدر قرار الإدانة لا يوجد أدنى مجال للإفلات أو نقض الحكم أو تغييره. فالكنيسة والحكومة المدنية على السواء كان يهمهما أن تكون الدولة كاثوليكية صرفة، وكان وزير المالية حريصا على مصادرة أكبر مساحة من الممتلكات ومبالغ من المال. وكانت كل المصائب تنصب فوق رأس المتهم، لأنه إن لم تثبت عليه التهمة أمام محكمة التفتيش العلنية كان يجري تعذيبه بقسوة منقطعة النظير لعله يعترف تحت التعذيب ويقدم الأدلة التى فشلت المحكمة في العثور عليها أو التوصل إليها. وإذا اعترف المتهم فإن عليه أن يكرر الاعتراف ثلاث مرات على مدى ثلاثة أيام متتالية.

كان إلقاء القبض على المتهمين يتم ليلا، حيث يتوجه رجال حرس محكمة التفتيش والمعروفون باسم "الجوازيل AL guazils (ويبدو أنها تحريف لكلمة الجلاوزة أى الحراس باللغة العربية) ويدقون باب المطلوب، وإذا وقعت أية مقاومة يقومون باستخدام أقصى قوة للدخول، وعندما يلتقون بضالتهم يطلبون إليه أن يرتدى ملابسه ثم يصطحبونه فورا إلى الخارج.

وكان هؤلاء الزبانية يفضلون العمل في صمت ويحملون معهم كمامة كاتمة للصوت لكل من يرفع عقيرته بالصياح أو الاستغاثة لإيقاظ الجيران. كانت تلك الكمامة أشبه بثمرة الكثمرى يتم دفعها داخل فم المطلوب القبض عليه، ثم يقوم الحارس بتكبيرها من خلال قلاووظ مثبت بها مما يجعل الفك مفتوحا إلى أقصاه. لقد كان الصمت والسرية سلاحين جعلا تكتيكات هؤلاء "الجوازيل" أكثر فعالية، ولم يكن هناك مواطن واحد بمنأى عن شرهم أو محصنا ضد جبروتهم وفي داخل المحكمة أي مقر محكمة التفتيش تم إعداد كل شيء بحيث يحدث أعلى درجات الترهيب والتخويف في قلب المشتبه فيه: فقد كانت المحاكمة تتم في غرفة مظلمة، وكان المحققون يرتدون أروابا بيضاء وقلنسوات سوداء ويجتمعون حول مائدة مغطاة بالقطيفة السوداء مثبت عليها الصليب ووضع أمامهم نسخة من الإنجيل وستة شموع فوقها.

وتبدأ المحاكمة سرية وتنتهى على هذا الوجه أيضا إذ لا يسمح للجمهور بحضورها، وتتلخص الإجراءات في قيام أمين المحكمة بقراءة الاتهامات من منصة منفصلة تتبعها فترة سكون. وقد وجه توركمادا قضاته ومحققيه بأن يقضوا وقتا طويلا في فحص الأوراق قبل أن ينبس أحدهم ببنت شفة وذلك من قبيل إدخال الرعب إلى قلب المتهم، بعد فترة السكوت الطويلة يتم سؤال المتهم عن اسمه وعنوانه ثم يوجه إليه السؤال المهم" هل تعرف لماذا أحضرناك إلى هنا" فإذا أجاب المتهم بأنه لا يعرف (وهذا هو عين الحقيقة في معظم الحالات) يقوم القضاة بالنظر مرة أخرى في الأوراق ولفترة طويلة "يدرس فحواها".

وبعد انتهاء فترة الصمت الثانية يسأل المحقق المتهم:

هل لك أعداء؟ هل تحضر جلسات الاعتراف بانتظام؟ ومن هو القيس الذى اعترفت أمامه؟ ومتى كانت آخر مرة توجهت فيها للاعتراف؟

وكانت تعليمات توركمادا لرجاله واضحة قاطعة بألا يتأثروا نهائيا بأي شي يقوله أو يفعله المتهم، خاصة البكاء أو التشنج أو التوسل أو القصص المؤثرة وعليهم أن يتجاهلوا أى شئ يصدر عن المتهم لأن "الهراطقة ماكرون وكاذبون" ألم يدّعوا بأنهم أتقياء وأوفياء لملتهم الكاثوليكية بينما كانوا يمارسون الهرطقة سرا؟ وكان توركمادا يذكر رجال محاكم التفتيش من أتباعه بأن إدانة رجل واحد قد تمثل الخلاص بالنسبة لألف رجل آخر، ذلك أن الهراطقة لم يقتصروا على ممارسة الهرطقة بل سعوا حثيثا لإقناع الآخرين باتباع سبيلهم وسلوك منهجهم الشيطاني.

وإذا رفض المتهم الاعتراف تحت وطأة الترهيب، كان المحقق -وفقا للتعليمات- يلجأ إلى التخفيف من حدة تعبيراته. فكان يقول للمتهم "إنك طفل مخطئ وأن عملى مثل أبيك تماماً هو الحرص على التعرف على خطاياك، كما أن الكنيسة على استعداد للصفح عنك والترحيب بك بين أحضانها من جديد، ولكن عليك أولا تخفيف العبء عن روحك بالاعتراف واظهار الندم والتوبة الحقيقية". وكان المقصود بهذا الاعتراف هو الإبلاغ عن آخرين ممن شاركوه "الخطيئة"، وقد وقع كثيرون في هذا الفخ وقدموا وجبات إضافية لشهوة القتل المتقدة لدى رجال التفتيش.

أما إذا رفض المتهم الاعتراف، فكان يتم اقتيادهم إلى السجن للتفكير مرة أخرى، وإذا ما أصر على موقفه، فإن المحقق يقول له "رغم أنك مقتنع ببراءتك إلا أن التفتيش لايشاركك هذا الرأى". ولذا فإن عليك البقاء فترة أخرى في السجن.

وهنا يتم نقل المتهم إلى سجن أكثر رفاهية وراحة ويسمح له بالزيارات من بعض الضيوف والأصدقاء والأهل. ومن بين هؤلاء الضيوف أفراد يعملون لحساب التفتيش مهمتهم حث المتهم على إطلاق لسانه، وكان الضيف يقول للمتهم إنك إذا اعترفت فسوف تحصل على عقوبة بسيطة، وكان أحد ضباط محكمة التفتيش يكلف بالاختباء للإنصات إلى الحديث بين. السجين والضيف، وكانت مهمته الأساسية البحث عن أى كلمة يكون المتهم قد تفوه بها لتدل على أنه مارس الهرطقة، وفي بعض الأحيان كان المتهم يسجن في زنزانة مشتركة مع سجين آخر هو في الواقع عميل للمحكمة (وهي ممارسة مازالت مستمرة في معظم الدول القمعية)، ويقوم هذا العميل بالحديث الصريح عن هرطقته لتشجيع المتهم المقصود على إطلاق لسانه.

المحاكمة الخاطفة

وإذا ما فشل ذلك كله، يتم نقل المتهم ليمثل أمام محكمة التفتيش لتمارس معه هذه المرة ما عرف بالمحاكمة الخاطفة بسرعة البرق، حيث يتبادل المحققون طرح الأسئلة بسرعة هائلة وبطريقة تقصد بها الإيقاع به بعد تقويض ثقته وهدم تماسكه وتلك المقابلة تكون في غاية الإزعاج وتسبب للمتهم الكثير من الإجهاد وتخلخل مقاومته لأن المحقق يركز على إجبار المتهم على الوقوع في المتناقضات. أما من يتمتع من المتهمين بدرجة عالية من الذكاء والتماسك بحيث لا يقع في فخ المحققين، فلم يكن أمامه إلا حل واحد هو: غرفة التعذيب، وكان التعذيب هو الإسهام الأعظم الذى دخل به توركمادا إلى سجلات التاريخ والإضافة التى قدمها لمحاكم التفتيش. وقد طبق التعذيب على فرسان تمبلر بفرنسا في القرن الرابع عشر، ولكن عددا من البابوات رفض استمرار اللجوء إلى التعذيب، ولكن توركمادا لم يكن يهتم كثيرا بالإنسانية ولم تعرف الرحمة سبيلا إلى كيانه فقد وجه رجاله إلى ضرورة استخدام التعذيب في حالة عدم حصولهم على اعتراف عبر التحقيق أو التجسس.

ونظرا لشدة تمسكه بكاثوليكيته فقد أمر رجاله بعدم سفك الدماء ولكنه مع ذلك اضطر للاعتراف بأن أعداداً كبيرة كانت تموت تحت وطأة التعذيب، وإذا ما حدث ذلك (الموت تحت التعذيب) فإن المحقق المتسبب في الموت مطالب بأن يطلب الغفران من أحد زملائه القساوسة، وقد أمر توركمادا جميع القسس بأن يقدموا الغفران لبعضهم بعضاً فورا إذا ما ارتكب أحدهم جريمة القتل.

ولم يكن المحققون في محاكم التفتيش يستخدمون كلمة "التعذيب" فالمهتمون كانوا يخضعون فقط للاستجواب. وأولى مراحل الاستجواب كانت التهديد، فالمتهم كان على علم بالأساليب المريعة التى كان يستخدمها المحققون، ولكن هؤلاء بدورهم كانوا يشعرون بأن من واجبهم انعاش ذاكرة المتهم بالمخاطرة التى سيواجهها على أمل إفزاعه واضعاف مقاومته بفعل هذا الفزع.

وثانى مراحل الاستجواب كانت الرحلة إلى غرفة التعذيب، إذ كان الضحية ينقل إلى هناك في احتفال له طقوس خاصة، فكان يحاط بحملة الشموع الذين تبدد أنوار شموعهم الظلام الدامس إلى جانب مصابيح نحاسية لتضيء الطريق. أما غرفة التعذيب فكانت غارقة في جو من الكآبة والظلام. وبعد وصول المتهم التعس إليها كان يعطى فترة صمت ووقوف ليتأمل خلالها وبصعوبة أدوات التعذيب التي تمثل الأثاث الرئيسى للغرفة التى ستستخدم فى استخلاص اعترافه. وكثيرا ما كان يمنح فرصة لدى غيره وهم يمرون بتجربة التعذيب والأهم من ذلك مشاهدة الرجال المناط بهم مهمة التعذيب، وكان هؤلاء يلبسون أقنعة سوداء تغطى رؤوسهم حتى اكتافهم ولا تخللها إلا ثقبان بحجم فتحتى العين.

أما المرحلة الثالثة، فتشهد تجريد المتهم من ملابسه بحيث يصبح عاريا كما ولدته أمه.

وفي المرحلة الرابعة يجري سحب المتهم إلى الآلة التي تم اختيارها لتعذيبه، ثم يربط ويثبت إليها.

وهنا نصل إلى المرحلة الخامسة التي يبدأ فيها المتهم الشعور بالآلام الجسدية التي لا تطاق.

وكان القانون الصادر عن محاكم التفتيش يمنع تكرار التعذيب، فالمتهم الذى تكتب له النجاة بعد التعذيب لا ينبغي معاودة تعذيبه، ولكن المثير للسخرية أنه لم يوجد قانون يحول دون استمرار التعذيب، فكان يستمر من يوم إلى يوم ومن أسبوع إلى أسبوع، مع فترات توقف لتستريح هيئة التعذيب ورغم أن جهاز شد الأطراف كان منتشرا في غرف محاكم التفتيش إلا أن الرافعة والتعذيب المائى كانا أكثر شيوعا. فكان المكلفون بالتعذيب يقيدون أيدي المتهم خلف ظهره ثم يربط الحبل في رافعة لرفع المتهم إلى أعلى، وإذا لم يعترف المتهم بعد ساعة من إبقائه على هذا الوضع المؤلم، تضاف الأثقال إلى أرجله، وإذا استمر على "عناده" يجري إنزاله بسرعة كبيرة ليرتطم بالأرض، ثم يتم قلب الوضع بحيث تصبح قدماه أعلى من رأسه ثم تثبيت الرأس بجهاز معدني وتوضع سداد خشبية في فتحتى الأنف ويفتح الفك إلى أقصى درجة بوضع قضيب حديدي مستعرض. ثم توضع قطعة من قماش التيل على فمه ويجرى صب الماء إلى جوفه حاملا قطعة القماش مع تدفقه، وهنا يبلع الضحية الماء آليا فيهبط القماش إلى الحلق، ويبدأ المتهم في السعال مع دخوله مرحلة شبه الاختناق، وعندما تزيد مقاومة الضحية ضد القيود والحبال تقطع وتسبب له مزيداً من الألم، وكان المتهم الواحد يستهلك ثمانى جرار من الماء لاتمام تعذيبه.

وفي بعض الأحيان كان زبانية التعذيب في محاكم التفتيش يلجأون إلى "الكرسي الأسباني"، وهو كرسي من الحديد به مساكات حديدية تشل حركة الضحية تماما، ثم توضع أقدام المراد تعذيبه في جورب بعد دهنها بالشحم، ثم يقرب موقد مشتعل من الأقدام لتحترق ببطء، ثم يوضع شحم آخر لإبطاء مفعول الاحتراق وغالباً ما كان يجري حمل هؤلاء في كراسي إلى عزفة المحاكمة لاحتراق أقدامهم تماما، وكان الجلد شائعا في غرف التعذيب فضلا عن بتر الأصابع (اليد والقدم) بمعدل إصبع واحد يوميا.

وحدث أن قدم يهودي إلى محكمة التفتيش بعد وشاية من خادمه الذى كان قد ضربه لاتهامه بسرقته، ورفض اليهودي الاعتراف بالهرطقة، فوضع رأسه في كيس من التيل تم تثبيته بقوة حتى أشرف على الاختناق بعد فترة رفع الكيس عن رأسه وطلب إليه الاعتراف، فرفض، فربطوا إبهاميه بخيوط لحجز الدماء بها حتى انفجرت الدماء من تحت الأظافر، وبعد ذلك قيدوه بالحبال ورفعوه بالرافعة يمينا ويسارا وإلى أعلى وأسفل وبعنف أدى إلى تفكك عظام أطرافه ومفاصله. ثم لجأوا لضربه بضراوة حتى أغمي عليه. وجرى ربطه بقوة بحيث قطعت الحبال أماكن عديدة في جسده، وبعد فقدانه كميات كبيرة من الدماء أطلقوا سراحه لئلا يتحمل الزبانية مسئولية قتله دون اعتراف.

واليكم صور توضيحية لأدوات المحبة التى كانت تستخدمها محاكم التفتيش فى أعمالها الإيمانية مع شرح مبسط لكل أله وطريقة إستخدامها :

مخالب القط :

clip_image002

وفيها يقوم القائم بالتعذيب بتعليق الضحية وشد قدمية للأرض عن طريق حبال ثم يقوم بتمشط لحم جسده بهذه الأداة حتى تظهر عظام جسده .

خالع الأكتاف :

clip_image001[1]

يقوم فيها القائم بالتعذيب بتعليق الضحية من يديه فى السقف حيث يمرر الحبل من خلال عجلة صغيرة مثبتة فى السقف بحيث يتمكن المعذب من رفع ضحيته لأعلى أو إنزالها والطريقة التى كانوا يتبعونها فى هذا هى رفع الضحية لأعلى ثم يقو المعذب برفعه لأعلى وقبل أن يلمس الضحية الأرض يمسك المعذب الحبل مما يؤدى إلى خلع أكتاف الضحية .

سرير أو خازوق يهوذا :

clip_image003وفيه يتم تكتيف يد الضحية إلى الخلف بواسطة حبل ويتم تعليقه من صدره بعدة حبال كما هو موضح بالشكل ويتم إنزاله بالتدريج حتى يقابل سن الخازوق فتحة الشرج أو المهبل حسبما يترأى للمعذب وحسب نوع الضحية ذكرا كان أو انثى .

الحرق البطئ :

clip_image004وهى عبارة عن رافعة يتم بها رفع الضحية على بعد يسير من النار بحيث يحرقة لهيبها وبهذه الطريقة يتم حرقه بمنتهى البطء بدلا من أن يتم حرقه دفعة واحدة.

الشواية :

 clip_image006ويتم تقييد الضحية فيها ممدا على ظهره أو صدره حسبما يترأى للمعذب على شواية عملاقة ويتم إيقاد النيران تحتها حتى يقضى نحبه مشويا .

نازع الأثداء :

clip_image008وهى عبارة عن آله يتم تسخينها حتى يصبح لونها احمر ثم يقوم المعذب بعدها بشد ثدى الضحية بها وكانت أستخدامها مقصور فى حالات الزنا وسب الدين والإجهاض والهرطقة والعديد من الجرائم الأخرى.

القناع :

 clip_image010ويتم تسخينة لدرجة الأحمرار ثم يوضع على وجه الضحية حتى يتم شى لحم وجهه وهو يستخدم لأجبار الضحية على الأعتراف .

العجلة :

clip_image012

وهى عدة أنواع فأحيانا يقوم المعذب بتثبيت الضحية إلى الأرض من قدميه ويم تعليق يديه فى العجلة ثم يقوم المعذب بتدوير العجلة مما يؤدى إلى خلع عظام الضحية و تباعدها عن بعضها البعض .

عذراء نورمبرج :

 clip_image013

وهو عبارة عن تمثا مجوف له بابان مملؤين بالمسامير يتم إدخال الضحية فيه ثم يتم فتحه وغلقه عدة مرات بقوة حتى تنغرس المسامير الطويلة فى جسد الضحية وينزف دمه حتى الموت .

كمثرى البابا أو التشويه :

clip_image014وكانت تستخدم مع المرأة التى أمسكت وهى تزنى أو مع الرجل اللوطى السالب وأيضا المهرطقين وهى توضع فى فم الضحية أو فى فتحة شرجه أو فى المهبل لو كانت إمرأة ثم يقوم المعذب بتوسيعها عن طريق عامود قلاووظ فتتسع بحيث تمزق أحشاء الضحية أو الجزء المدخله فيه وغالبا ما كان يموت الضحية أثناء أو بعد تعذيبه بها . وحوافها المسننة كانت تستخدم أيضا فى تشويه الوجه أو العنق أو حلق الضحية.

كرسى الإعتراف :

clip_image015وهو عبارة عن كرسى توضع المسامير فى مكان جلوس الضحية وأحيانا فى القاعدة وظهر الكرسى أيضا ويتم إجلاس الضحية عليه لأنتزاع الأعترافات منه .

 

أبن الفاروق المصرى


Ebn_elfarouk@yahoo.com


2 تعليقات:

Post a Comment

Anonymous said...

ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين _ سيردون الى الله سبحانه وتعالى وسيسومهم سوء العذاب ان لديه انكالا وسعيرا وطعاماذا غصة وعذابا أليماً
عموماً ليس بعد الكفر ذنب
AMRAWY

Anonymous said...

يا ستار أستر

صوما